يستعرض كتاب «الشائعات.. الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم» لمؤلفه جان نويل كابفيرير نشأة الشائعات ووظيفتها التي تقوم بها وسبب انتشارها وتصديق الناس لها، ويذكر أنواعها والقائمين على ترويجها وكيف يتم تعطيل فاعليتها ليأخذ القارئ في جولة ممتعة خلال الكتاب.
وتعد نشأة الشائعة -بحسب الكتاب- أقدم وسائل الإعلام في التاريخ، فقبل اختراع الكتابة كان البشر يتواصلون فيما بينهم عن طريق المشافهة، وكانت الشائعة وسيلة لنقل الأخبار وبناء السمعة أو الحط منها وتأجيج الفتن والحروب، وبالنسبة إلى العامة تعد الشائعة ظاهرة غامضة وسحرية وسبب تأثيرها في البشر الأشبه بالتنويم المغناطيسي فهي تنتشر في كل مكان بغض النظر عن البيئة الاجتماعية التي نشأت فيها.
وفي العصر الحديث ومع تطور التكنولوجيا أصبح هناك مصدران أساسيان للمعرفة هما: الأخبار الواردة في وسائل الإعلام، والروايات التي تتناقلها العامة مشافهة، لذا تعد الشائعة هي صوت الجماعة، وفي كثير من الأحيان تتفوق على وسائل الإعلام.
ويعد الخط الفاصل بين المعلومة والشائعة بالنسبة إلى عموم الناس ليس موضوعياً، إذ ترتكز على قناعات شخصية، فتطلق العامة اسم «المعلومة» على ما تعتقد أنه صحيح وتطلق اسم «شائعة» على ما تعتقد أنه خاطئ، ومن ثم إذا اقتنع المستقبل بالخبر المنقول عن أحد المعارف أو الأصدقاء اعتبر أنها معلومة، بينما إذا انتابه الشك والقلق اعتبر أنها شائعة.
ومن ميزات الشائعة هو طابعها غير الرسمي وسرعة انتقالها وانتشارها بين الناس، فطابعها غير الرسمي يجعلها تكشف الستار عن حقيقة لا يفترض بالجماعة أن تعرفها ما يدفع الأشخاص إلى تناقلها فيما بينهم بكل حماسة، وترجع سرعة انتشارها إلى ما تتصف به المعلومة من قابلية الزوال، ما يحتم نشرها بسرعة قبل أن تفقد أهميتها، كما تتميز الشائعة أيضاً بالمصدر المجهول وتعبئة الجماعة، فالعامة في الشائعة لاعبون أساسيون وليسوا مجرد مشاهدين، فالمثير في الشائعة ليس المصدر لأن بين مصدر الشائعة والشخص الذي ينقلها حلقة لا تنتهي بل طريقة تعاطي العامة مع هذا المصدر وتفاعلهم معه.